أعلان الهيدر

للنشر في مدونة محكمة النقد يرجى إرسال المادة مرفقة بالصورة على العنوان الآتي :
lagrahocine@gmail.com
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أو القائمين عليه ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك.

الاثنين، 12 فبراير 2018

الرئيسية بقلم: شاهين دواجي ... أزمة الشخصية في ( عايشه) لـ : حنكة حوّاء.

بقلم: شاهين دواجي ... أزمة الشخصية في ( عايشه) لـ : حنكة حوّاء.


بقلم: شاهين دواجي
.......................
أزمة الشخصية في ( عايشه) لـ : حنكة حوّاء
- أنهيت قبل قليل " عايشه " باكورة أعمال الكاتبة حنكة حواء، والحقيقة أنني خرجت من هذا العمل بموقف هجين هو بين الاستحسان لهذا العمل كأوّل عمل للكاتبة يستحقّ منّا كلّ التشجيع، وموقف آخر يضع القيمة الفنّية لهذا المنجز موضع تساؤل.
- تدور أحداث هذا المسرود في منطقة" أعميش"، الاسم القديم لمنطقة (رباح ) بولاية الوادي ، حيث الناس يعيشون البساطة بكل تمظهراتها، إن في طريقة العيش أو السلوكات أو علاقاتهم بالجنس الآخر التي تنطبع بطابع المحافظة الشديدة، و(عايشة) صبيّة في عمر الزهور شاءت الأقدار أن تولد بعاهة ذهنية تطوّرت الى تخلّف عقلي ، تعيش مع جدّتها – لأمّها ( القادّة) - بعد أن تخلّى عنها والداها لصالح العمل خارج الوطن، وتجوب هذه الصبيّة الأزقة نهارا على صياح الصبية : " العقونة ... العقونة "، وتتحصّل على نصيبها من الكسرة من لدن أهل " أعميش "، لتعود مساء الى بيت جدّتها فتنال نصيبها من الضرب والشتائم ، ثمّ تخلد الى النوم في مكان معين أعدّ لها منذ سنين ...، هذه هي عايشة.
- ثم تتعرض (عايشة) لاغتصاب من طرف ( عبّاس) خلّاق القرية ، الذي أراد أن يتثبّت من كونه قادرا على الإنجاب، بعد أن صرف كل موارده على الأطبّاء ، هذا الاغتصاب الذي علم به كل من (صالح ) – ذو الأصول التشادية وسليل عبد تشادي – وحوريّة زوجة عبّاس ، في النهاية ينتحر (عباس) ندما على فعلته ، وتغدو (عايشة) حاملا بعد أن تفشل محاولات الجدّة في أن تجهض الجنين، في آخر لقصّة يفرّ صالح بـ: (عايشة)، ثم يعود الى القرية مصطحبا فتاةً هي ابنة (عايشة)، ولم تذكر الكاتبة ما حلّ بـ: (عايشة).
- القصّة تحكي راهن المرأة في المجتمع المحافظ ، حيث الإهمال والنظرة الدونيّة، فميلاد (عايشة) بإعاقة ذهنيّة هو إشارة ذكيّة من الكاتبة للعقلية الذكوريّة المتجذّرة في المجتمع المحافظ الذي يمارس سلطته القهريّة على الانثى بداية من اختيار الاسم، فاسم عائشة لم يختر الّا لكونها جاءت بعد فقدان والداها لعدّة أطفال، وكذلك " الماطرة لمن ولدت في اليوم المطير، وقريب من هذا" النايمة " لمن بقيت في بطن أمها على غير المعهود .
- ثم تسلّط الكاتبة - بحرفيّة – الضوء على منطقة " أعميش " لتستفيض في سردها عن العادات والتقاليد وكيف تبالغ النسوة في الاحتجاب عن الرّجال، وكيف تحتدّ الأرملة على زوجها لتصل إلى تفاصيل إثبات الحمل بالطّريقة التّقليدية ، وكيفية الإجهاض ....، وهذا كلّه يحسب للكاتبة.
- ثم تنزل الكاتبة الى أرض أعميش وتخالط ترابها حين ترصد السلوكات الزوجيّة: (عبّاس / حوريّة)، وسلوكات أهل القرية حين يطلون الجلوس في أماكن معينة لكي يظفر أحدهم بنظرة الى أنثى من الحيّ، ومواضيع الحديث بين الرّجال ( محل حلاقة عباس)، وكيف تختلط بعض المفاهيم عند المجتمع المحافظ، حيث العقم ضدّ الرجولة عندهم، فعباس ينشر في الناس أن زوجته هي العقيم لئلّا تجرح رجولته، وأهل الحيّ لا يستطيعون مفاتحته في موضوع كهذا لئلّا يجرح، ويمكن للرجل أن يرتكب الاغتصاب ولا يمكنه أن يطيق سماع احتجاج زوجته كما حدث بين عباس وحوريّة بعد أن فعل فعلته.
القصّة شبيهة بالبحث في المناطق المظلمة في المجتمع الشرقي، يحاول أن يعيد الاعتبار للمرأة وهو – أي النصّ – يوافق الأطروحات النسوية التي تجتمع على أن المرأة لا تولد أنثى وإنما تصبح كذلك، فهي - بوصفها كائنا مشاركا للرجل في هذا العالم - لها توجّهات، ولها واجبات، وبالمقابل لها حق الآدميّة التي اغتصبت منها عبر الحقب.
- وإذا كان ما ذكرته مما يوضع في رصيد الكاتبة فإنّ هناك تساؤلات عدة تضع فنّية العمل على المحكّ، من خلال جملة من المتنافرات السرديّة:
1-/ شخصيّة (صالح ): حيث يوصف تارة بأنّه حامي الحمى وحامي الشرف، ثمّ يوصف بأنّه ثرثار، ثم إن صالح رأى عباس وهو ينفرد بـ: (عايشة) ولم يحرّك ساكنا الا بعد أيام؟ هذا التوصيف لا يحتمله السّرد لأنّه جمع بين المتناقضات وعائق في سبيل متانة السرد.
2-/ شخصيّة حوريّة زوجة عباس: التي تبعت زوجها ورأته ينفرد بـ: (عايشة) ولم تحرّك هي الأخرى ساكنا ؟ بل والتزمت الصمت حتى بعد عودة عباس الى البيت، هاذ نوع من المثالية المغرقة وضدّ واقعية المسرود، حين طبيعة المرأة تقتضي أن تتحرّك فورا قبل حصول المحظور.
3-/ في صفحة 39 تعطي الكاتبة الانطباع بأن (عايشة) قد قتلت جدتها في ثورتها الهستيريّة، لكننا نجد الجدّة بعد هذا هي من تحاول التثبّت من حمل (عايشة)، وتفكّر في كيفية الخلاص من الحمل ؟
4-/ خطبة صالح لـ: (عايشة) – وهو الرجل الذي لا يأتي النساء، وهي الحامل من غيره يعطي الانطباع بأنّه قدّيس هذا من جهة، ومن جهة أخرى لا يمكن أن تحصل خطبة رجل لامرأة "عقونة" مهما كان الوازع، وهذا في رأيي ابتعاد عن الواقعيّة التي نشدتها الكاتبة طيلة منعرجات المسرود.
5-/ إلحاح حوريّة على تبنّي عار زوجها، هذا أيضا موضع تساؤل غريزي، فهذا الجنين كان السبب في تقويض حياتها فمسألة الإلحاح على الاحتفاظ به مسألة مثالية تقريبا  
6-/ اختفاء عايشة وبعدها اختفاء صالح، لم يكن هناك ما يحيل عليه كأن تحسن الكاتبة ترك المساحات الفارغة ليملأها المتلقّي.
7-/هناك إشكال لدى الكاتبة مع الزمن في هذا المسرود، فربما تكلمت عن اليوم بضعة صفحات كما فعلت في تثوير اغتصاب البطلة، وربما تكلمت سطرين عن سنتين وعن السنين، حقّا ليست هناك قاعدة سرديّة تضبط هذا ولكنّ القارئ يحسّ بذلك التفكك، فعوض أن تكون القصة لحمة واحدة، تضحي مجموعة من الجزر المتباعدة، من جهة ثانية: سفر زوج القادّة على الراحلة إلى الحج يعطي الانطباع أن القصّة جرت قبل سبعين سنة قبل اليوم حيث وسائل النقل منعدمة عدا التقليدية والواقع أن السياقات النصية توحي أننا أمام واقعة معاصرة.
8-/ في مسالة الاشتغال على اللغة يعاني المسرود نقصا فادحا إلا في بعض المواضع حيث نلمس بعض اللغة الشعرية هنا وهناك وبخاصة حين المواضع الأشدّ مأساويّة أو عند الاستبطان.
- كانت هذه أبرز النقاط التي أخذتها على الكاتبة وأزعم أنها ستضيف شيئا لمسارها الإبداعي، فإن جلالة الموضوع الذي طرقته وجدّته ( تأثير المجتمع على سلوكات الأفراد ) لا يمكن أن يصنع – دائما نصّا جميلا ما لم تحز قدرا محترما من تقنيات السرد الأمر الذي بقي بعيد عن السواد الأعظم من كتّابنا وبخاصّة وأن فيهم الجادّين والواعدين .
....................
شاهين دواجي ـ الجزائر ـ
.......................
رابط تحميل رواية عايشه



شاهين دواجي ـ الجزائر ـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.