الأفعال النَّاقصة ـ كانَ وأخواتها ـ الأستاذ : محمد عصام علوش ـ سوريا ـ

                                                                         ( إضاءات نحويَّة مبسطة)

                                                                     الأفعال النَّاقصة ـ كانَ وأخواتها ـ 

 من الأفعال النَّاسخة الأفعال النَّاقصة (كان وأخواتها) وهذه الأفعال تدخل على الجملة الاسمية المكوَّنة من المبتدأ والخبر، فترفع الأوَّل ويُسمَّى اسمها، وتنصب الثاني ويُسمَّى خبرَها، كقولنا: (كانَ الجَوُّ لطيفًا، ومازالَ المُعلِّمُ غائبًا...) ويمكن تقسيم هذه الأفعال إلى ثلاث مجموعاتٍ، المجموعة الأولى تتصرَّف فيها الأفعال تصرُّفًا تامًّا، بمعنى أنَّه يأتي منها الماضي والمضارع والأمر، وهي: (كانَ، صارَ، أصبحَ، أضحى، ظلَّ، أمسى،باتَ) وهي تفيد الحَدَث بوقتٍ مخصوصٍ ما عدا صارَ التي تفيد التحوُّل، والمجموعةالثَّانية تتصرَّف فيها الأفعال تصرُّفًا ناقصًا بمعنى أنَّه لايأتي منها إلا الماضي والمضارع، وهي: (ما زالَ، ما فتِئَ، ما بَرِحَ، ما انْفَكَّ) وهي تفيد الاستمرار، أمَّا المجموعة الثَّالثة فتضمُّ فِعليْنِ جامديْنِ، بمعنى أنَّه لا يأتي منهما إلَّا صيغةُ الماضي، وهُما:(مادامَ، لَيْسَ)، كقولنا: (اقْرَأْ ما دُمْتَ نشيطًا، ليس المؤمنُ كاذبً)

 ـ خبر الأفعال النَّاقصة قد يأتي مفردًا كما رأينا في الأمثلة السَّابقة، وقد يأتي جملةً فِعليَّة، كقولنا:(صارَ الطَّالبُ يشاركُ في الحِصَّة) أو جملة اسمية، كقولنا: (أضْحى الزَّرْعُ مَنظرُهُ جَميلٌ) وقد يأتي خبر هذه الأفعال شبه جُملةٍ ظرفاً أو جارَّا ومجرورًا، كقولنا: مازالَ العصفورُ فوْقَ الغُصن، أمسى اللِّصُّ في قبضةِ العدالة)

 ـ كثيرًا مايتَّصل خبر ليس بالباء الزَّائدة، كقوله تعالى: " أليْسَ اللهُ بأحْكَم ِالحَاكمينَ ـ أليْسَ اللهُ بكافٍ عَبْدَهُ" وجواب الاستفهام هنا (بَلى)، فالباء حرف جرِّ زائدٌ و(أحْكَم ـ و كافٍ) اسم مجرور لفظًا منصوبٌ محلًّا خبر ليس. 

 ـ يجوز أنْ تتقدَّم أخبار هذه الأفعال على أسمائها، كما يجوز أن تتقدم على الأفعال نفسها، باستثناء ليْسَ، وما اقترن بـ (ما)، كقولنا: (صارَ خالدٌ مجتهدًا، صارَ مجتهدًا خالدٌ، مجتهدًا صارَ خالدٌ) وغالبًا ما يكون التقديم لأغراضٍ بلاغيَّةٍ. 
 ـ اسم هذه الأفعال قد يأتي اسما ظاهرًا، كقولنا: (ما فتئَ الطَّالبُ يدرسُ)، وقد يأتي ضميرًا متَّصلًا كقولنا: (صِرْتُ معلِّمًا) وقد يأتي ضميرا مستترًا، كقولنا: (كُنْ صادقاً)

 ـ يجوز حذف الفعل النَّاقص مع أحد مَعموليْه الاسم أو الخبر وغالبًا ما يكون الحذف مع الاسم، كقوله صلى الله عليه وسلم: " التَمِسْ ولو خاتمًا من حَديدٍ" أيْ ولو كان المُلتَمَسُ خاتمًا من حَديدٍ، كما ورد في بعض الأمثلة حذف الفعل الناقص مع اسمه وخبره لدلالة سياق الكلام على ذلك، وقد اشتهر في هذا في البيتُ الشِّعريُّ: 

قالتْ بَناتُ العَمِّ يا سلمى وإنْ كانَ فقيرًا مُعْدِمًا قالتْ: وإنْ أيْ: (وإن كان فقيرًا مُعْدِمًا(

ـ يجوز حذف نون المضارع المجزوم بالسُّكون في (يَكون) إذا أتى بعدها متحرِّكٌ غير ضمير متَّصل، كقولنا: (لمْ يَكُ رَبُّكَ نَسِيَّا.)
 ـ والخطأ الشَّائع الذي يتكرَّر في (إنَّ وأخواتها) يتكرَّر عند بعض الكُتَّاب في كان وأخواتها، فإذا فصل بينها وبين اسمها الظَّرفُ أو الجارُّ والمجرورُ ترى بعضهم ينصب الاسم متوهِّما أنَّه الخبر نحو قولهم: ( كان حَوْلَ الملعبِ متفرِّجين كثيرين ـ ليس في المدينة مصنعًا كبيرًا) والصَّواب: (كان حَوْلَ المَلْعَبِ متفرِّجون كثيرون ـ ليس في المدينة مَصنعٌ كبيرٌ). يتبع... 
                                                    الأستاذ : محمد عصام علوش ـ سوريا ـ