أعلان الهيدر

للنشر في مدونة محكمة النقد يرجى إرسال المادة مرفقة بالصورة على العنوان الآتي :
lagrahocine@gmail.com
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أو القائمين عليه ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك.

السبت، 6 فبراير 2016

الرئيسية هـــــــــــــــــزات بقلم: سهام بعيطيش " أم عبد الرحيم "

هـــــــــــــــــزات بقلم: سهام بعيطيش " أم عبد الرحيم "

هـــــــــــــــــزات
بقلم: سهام بعيطيش"أم عبد الرحيم"
ليلة دعجاء يبدو أنها قد تخاصمت مع القمر.البيوت الصامتة تترقب حدوث شيء ما...كانت ليلة سبت.كل من كان في البيت استحوذ عليه الشرود والسكون.في المطبخ حضّرت الأم لقيمات للأولاد .العشاء كان كافيا لكل العائلة رغم قلّته..في غرفة الجلوس التلفاز الذي اعتاد مداعبة الصغار لجهاز تحكّمه بدا صامتا أيضا...الأطفال استعجلوا وقت نومهم..هزّات أرضية متتالية اليوم أنستهم الرسوم المتحركة التي يحبونها, وكذلك أنست الكبار الكثير من انشغالاتهم.
     وقت صلاة العشاء قد حان..بعد برهة من الزمن استقر الجميع في أماكن نومهم..النعاس بدأ يداعب أعين الصغار.
   رغم الخوف استسلم الجميع للنوم حتى الأم التي كانت آخر من ينام.وفي الباحة الخلفية للمنزل كان الكلب المرتعب منذ الصباح يئن ويئن.عشاؤه ... لم يبارح مكانه إليه..ينبح الكلب وينبح,يحاول الانفلات من السلسلة الحديدية التي كانت ملفوفة حول عنقه وكأنه قد رأى شبحا.نباحه ذاك      أيقظ الأم التي لم تغمض جفنيها إلاّ للحظات.الساعة تشير إلى العاشرة إلا ربع...يا رجل...يا رجل سيضرب الزلزال مرة أخرى.
أوهامك هي التي ضرت برأسك..نامي...نامي
   ذبذبات اجتاحت جسد المرأة أحست بها من رأسها إلى أخمص قدميها...يا رجل..لم تكمل حديثها, هزة أرضية جديدة أيقظت الجميع...أشهد أن لا إله إلا الله...أشهد أن محمدا رسول الله..الله أكبر..الله أكبر كلمات ردّدها الكبار والصغار.عبد الرؤوف الذي كان نائما لم يحس بشيء. فتح عينيه لوهلة وعاد للنوم.
لا تخافوا..لا  تخافوا يا صغاري مجرد هزة خفيفة...استسلم الصغار للنوم مرة أخرى.
     الموت..الخوف من الله تعالى...الفراق...أشياء كثيرة كانت تتبادر إلى أذهان كل من أحس بالزلزال.يمر الوقت متثاقلا.هزّات ارتدادية متتالية أرّقت مضجع الجميع.الساعة منتصف الليل وخمس دقائق هول من أهوال يوم القيامة...صاعقة لم يشهد لها مثيل.وكأن الأرض قد انفلتت من قيدها وانفجرت من غيظها ونقمتها على البشر الذين دنّسوا تربتها.
اصطكت الحجارة الصغيرة في الأساسات, وتمايلت المباني, وانفصلت الحيطان عن أعمدة الإسمنت.
        عبد الرؤوف لم يبق نائما هذه المرة.غول....غول يا ماما.
  امتزجت الظلمة بصراخ الأطفال وهلع الكبار, الأواني والتحف الفنية التي كانت تزيّن أركان البيت لم تسلم من هذه الهزّة  أيضا. الصوت بدا صاخبا ومروّعا. الأب كان يتحسّس جسد كل واحد من أولاده فيما نهضت الأم تتفقّد أرجاء البيت. انقطاع الكهرباء زاد الطين بلّة .كلمات عن الإيمان وعن الرضا بالقدر والمكتوب ردّدها الأب على مسامع أبنائه الصغار, أحسستهم ببعض السكينة. الشموع لم تستطع الأم إيجادها من شدّة الصدمة.بعد جهد جهيد تتذكر الهاتف النقال...تنير مصباحه الصغير..تتفادى قطع الزجاج المتناثرة في أرجاء البيت.
    في الخارج كان صوت السيارات وهي مسرعة , يِؤكد حدوث أمر مروّع.سيارات الإسعاف دوّى صفيرها وكذلك سيارات الشرطة.القرية المجاورة مركز الهزة كان بها.
     صعدت الأم والأب إلى السطح يتفقدان الأرجاء.الصراخ والضجّة يعلمان عن حدوث كوارث..يا إلهي أنوار القرية المترامية الأطراف كلّها مطفأة.
الكل غادروا بيوتهم, رغم برودة الجو الجميع كان يفكر في أمر واحد فقط هزّة أخرى تكون أكبر من هذه .
     ومدّ الفجر يده ببطء شديد ,تهافتت العائلات للاطمئنان على بعضها البعض..الحمد لله لم تكن هناك خسائر في الأرواح, لكن أضرار جمّة لحقت بالمباني خاصة المنازل الهشة التي عايشت زمن الاستعمار..المصيبة إذا عمّت خفّت.
     إيــــــه يا زمن....استوى الغنيّ مع الفقير.أصحاب القصور في خيم بلاستيكية حالهم حال البسطاء.القرية بأكملها تخلّت عن متاع الدنيا.همّها فقط أن تبقى على قيد الحياة...إيـــــه ما أعظمك يا ربي.لو شئت لخسفت بنا الأرض.
     مسجد القرية فاض بالمصلين...الكل طلب السماح..الكل لبس ثوب التقوى ... ولكن هل سيبقى ثوبك هذا نظيفا ؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام .
للأسف بعد وقت قصير عدنا والعود أسود...عدنا كما كنا .سنحتاج إلى هزّات دائمة علّها تهزّ أركان أرواحنا المدنّسة بشتىّ أنواع المعاصي.
بقلم: سهام بعيطيش"أم عبد الرحيم"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.