أعلان الهيدر

للنشر في مدونة محكمة النقد يرجى إرسال المادة مرفقة بالصورة على العنوان الآتي :
lagrahocine@gmail.com
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أو القائمين عليه ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك.

الأحد، 4 مارس 2018

الرئيسية أبو إسحاق الشِّيرازي إبراهيم .. محمد عصام علوش ـ سوريا ـ

أبو إسحاق الشِّيرازي إبراهيم .. محمد عصام علوش ـ سوريا ـ


(الحلقة مئتان وخمس وستون)
أبو إسحاق الشِّيرازي إبراهيم بن عليّ المَوْلود في فيروز آباد عام 393 هـ، كان شيْخَ الشَّافعية على وقته، وكان مضرب المثل في الزُّهد والقناعة، والورَع والاستقامة، والفصاحة والبلاغة وقوة المناظرة، بنى له نظامُ المُلك المدرسة النِّظاميَّة ببغداد فدرَّس فيها، قال فيه الإمام الحافظ أبو سعد السَّمعاني: "كان الشَّيْخُ أبو إسحاق إمامَ الشَّافعيَّة، والمدرِّسَ ببغدادَ في النِّظاميَّة، شيْخَ الدَّهر، وإمامَ العصر، رحل إليه النَّاس من الأمصار، وقصدوه من كلِّ الجوانب والأقطار... وكان زاهدًا، وَرِعًا، متواضعًا، متخلِّقًا، ظريفًا، كريمًا، سخِيًّا، جوادًا، طلق المُحيَّا، دائمَ البِشر، حسن المجالسة، مليحَ المحاورة، وكان يحكي الحكايات الحسنةَ والأشعارَ المستبدعة المليحة، وكان يحفظ منها كثيرًا، وكان يُضرب فيه المثل في الفصاحة" وعلى الرّغم من قلَّة ما وصلنا من أشعاره، فإنَّك تتلمَّس في ما وصلنا الحكمة وسلامة الفكرة وسداد الرأي، ومن شعره الجميل في التعفُّف عن الحرام، والابتعاد عن مقارفة المعاصي والذنوب، والأنفة من الفواحش، قوله
أحبُّ الكأسَ من غيْرِ المُدامِ وألهو بالحساب بلا حَـرامِ
ومـا حـبِّي لـفـاحـشةٍ ولـكـنْ رأيْتُ الحبَّ أخلاقَ الكرامِ
ومن شعره الحسن الذي يشير فيه إلى ندرة الأصدقاء الأوفياء في حياة الإنسان،والحثّ على تخيُّر الأحرار من الأصدقاء والأخلَّاء قوله
سألتُ النَّاسَ عن خِلٍّ وفيٍّ فقالوا ما إلى هذا سبيلُ
تمسَّكْ إنْ ظفرتَ بـودِّ حُرٍّ فإنَّ الحرَّ في الدُّنيا قليلُ
ومن إشاراته الطَّريفة في انتقاد بعض الطَّبائع المتمكِّنة في نفوس النَّاس، قوله
ولو أنِّي جُعِلْتُ أميَر جَيْشٍ لـما قـاتـلـتُ إلا بـالـسُّـؤالِ
لأنَّ الـنَّاسَ يـنهـزمون منه وقد ثبتوا لأطراف العَوالي
ومن مشهور شعره الذي سارت به الرُّكبان، وانتقل عبر الأزمان قصيدته في (الاستغفار) التي وَجدت لها صدًى واسعًا في المساجد، وعلى ألسنة الخطباء، وفي حلقات الذِّكر والدُّعاء وعند الاستغفار، فحفظها الحافظون، وأنشدها في مجالس الذكر المنشدون، وهي قصيدة طويلة ابتدأ معظم أبياتها بقوله: أستغفر الله، ومنها
أستغفرُ اللهَ مـن عَـيْـنٍ نـظرتُ بـها إلى القـبـيـحِ فـكانتْ مُـبـتـدا نـكَـدي 
أسـتـغـفـرُ اللهَ من ذنْـبٍ خـلـوْتُ بهِ في الـلَّيْلِ مُـنـفـردًا أو غيْرَ مُـنـفـرِدِ 
أسـتـغـفـرُ اللهَ من رزقٍ بَـلغــتُ به إلى مَـعـاصي الإلهِ الواحدِ الـصَّـمَدِ 
أسـتـغـفـرُ اللهَ مـن عِـلـمٍ أردتُ بـه دنـيـا ولـمْ أكُ فـي خـيْـرٍ بـمـجـتـهـدِ 
أسـتـغـفـرُ اللهَ من قلـبٍ تشاغلَ عن نهْـجِ الـطَّريـقِ إلى الـلَّـذَّاتِ والفــنَـدِ 
أستغـفـرُ اللهَ مما قـلـتُ في غـضبٍ وفي الـرِّضا ثم في مَـزْحٍ وفي حَـرَدِ 
أسـتـغـفـرُ اللهَ غـفَّـارَ الـذُّنـوب لِـما أسلـفـتُ معـتـمِـدًا أو غـيْـرَ مُـعـتـمِـدِ...
أســتـغـفـرُ اللهَ مـن قـوْلٍ يُـمـازجـه لَـغـوٌ وكِـذْبٌ جـرى منِّي من الجـرَدِ
أسـتـغـفـرُ اللهَ مـن فـعـلٍ يُـخـالـطـه مالـيْــس يُـرضي إلـهـي مُـدَّةَ الأبَــدِ 
أستـغفـرُ اللهَ مـن عِـلـمٍ بـه عُـجْــبٌ وسُـــمـعـةٌ وريـــاءٌ مُـفــســدٌ وَرَدي 
أستغفرُ اللهَ من جُرمي ومن نظري إلى الـقـبـيـحِ وفِـعـلي فِعـلَ ذي صَدَدِ
أستغفـرُ اللهَ من جَهلي ومن طـمَعي وشيْـنِ شـأني وعِـصـيـاني ومن أوَدِ...\
أسـتغـفـرُ اللهَ ممَّا قد ذكـرتُ من الأ جْـنـاسِ من غـافـلٍ مـنهـمْ ومُـجـتـهِـدِ... 
أسـتـغـفـرُ اللهَ ممَّا قد جـنـيْـتُ من الـــعِـصيان في عمُري بالرِّجْلِ أو بـيَدي 
أستـغفـرُ اللهَ من كـلِّ الـذُّنـوب فـقـد أضـنَـتْ ذنـوبي إذا ذُكِّـرتُـهـا جَسَدي 
أســــتـغــفِــرُ اللهَ إنَّ اللهَ مُــنـــفــردٌ بـالـعِـزِّ والـمُـلْــكِ لـمْ يُـولَـد ولـمْ يَـلِـدِ 
أستغفرُ اللهَ مِلْءَ الأرضِ مذ خُـلِقـتْ وضِعفَها ثم ضِعفَ الـضِّعـفِ والعَـدَدِ...
وصـلِّ يـا ربِّ ما غــنَّـت مُـطـوَّقـةٌ على الـغصون وما صاحتْ على وَتـدِ 
والآلِ والصَّحب والأزواجِ أجـمَعهم والـتَّــابـعــيـن لـه والـعِــتـرَةِ الـغــمـدِ 
قلت لصديقي: حسبتُك ستقول لي بعد قراءة الأبيات: هاقد جعلتك تستغفر الله دون أن تدري، كما يفعل بعض الحمقى والسُّذَّج في بعض المَواقع جاهلين أو مُتجاهلين أنَّ الاستغفار والتَّسبيح والحمد والتَّهليل لا يكون بتمتمات اللسان دون حضور القلب واستحضار النِّيَّة، فتبسَّم.
محمد عصام علوش ـ سوريا ـ

هناك تعليق واحد:

  1. رفغ المولى ذكرك وشرح صدرك وبالتقوى زوّدك وبارك جهدك وسدد خطاك
    ليتني من اللغة كنت ضليعة لأنسج من ضادها سبائك فخر باسمك وأصوغ من ألفها ليائها آيات شكر وعرفان واحترام وأجلال لصالح أعمالك ورقيّ ورفعة مقامك يا من في أرض القلوب روح المحبة والانتماء للأم اللغات وتسقي بمزن مدادك البابا وتنير بجواهر الفاظك سبل الأدراك..
    نفع الله بك وأفاد يا كنزا مطمور بأصداف صدور تتنفس عشق الضاد
    والذي بعثك وفقهك وعلمك وآتاك الحكمة إنّي لأعجز عن شكرك في كل قراءة لما تنشره هنا وهناك واضع إعجابا لتعلم أني أتابع قلمك أينما وحيثما حط عطر نداه..
    أجزل الله مثوبتك
    وحياّك وبيّاك

    ردحذف

يتم التشغيل بواسطة Blogger.