أعلان الهيدر

للنشر في مدونة محكمة النقد يرجى إرسال المادة مرفقة بالصورة على العنوان الآتي :
lagrahocine@gmail.com
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أو القائمين عليه ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك.

الخميس، 22 ديسمبر 2016

الرئيسية أينَ نَحْنُ مِنَ الإسْلامِ وَهَلْ نَحْنُ حَقاً مُسْلِمُونْ ؟! .... طه دخل الله عبد الرحمن البعنه == الجليل الجمعة : 19/08/2016 س : 03:10

أينَ نَحْنُ مِنَ الإسْلامِ وَهَلْ نَحْنُ حَقاً مُسْلِمُونْ ؟! .... طه دخل الله عبد الرحمن البعنه == الجليل الجمعة : 19/08/2016 س : 03:10

أينَ نَحْنُ مِنَ الإسْلامِ وَهَلْ نَحْنُ حَقاً مُسْلِمُونْ ؟!

الانشغال بمطالب العيش، والاعتمار في غمرة الحياة يُنسي الناس أن يفكروا، فيتساءلون: ما الغاية من هذا الوجود ؟ وما اشتغال بعيش، وما اغتمار حياة ؟ وقد يتنبه الناس من غفلة أو يستيقظون من نومة، إذا أصابهم مرض، أو أصابهم عجز، أو نابهم نائبة. وشر النوائب عندهم الموت، ينزل بقريب أو ينزل بحبيب، ففي هذه الفترات السوداء، البارقة في سوادها يتوقف الناس يستخبرون: من أين جئنا، وإلى أين المصير ؟.
ولكنها فترات لا تطول، فحوافز العيش تعود فتحفز ويشتد حفزها، والحياة تعود تهتف بحاجاتها ويشتد هتافها، والإنسان منا يلبى جبراً لا اختياراً، ويتركز على يومه، وينسى أمسه الذي كان، وينسى يومه الذي سوف يكون، إلا من حيث ما يطعم، ويلبس، ويلد، ومن حيث ينعم أو يشقى بالحياة.. لكننا لم نتساءل يوما هل نحن مسلمون حقا ؟؟ 
سؤال قد يبدو ساذجا للكثير من الناس و لكنه في الواقع مهم و خطير، فكيف لي أن أعرف حقيقة إسلامي إن كنت لا أعرف الإسلام معرفة واضحة. إذن ينبغي علينا أن نعرف الإسلام و نتأمل في منهجه و نتفكر في معانيه و قيمه ومن ثم نعمل بها وعند ذلك نستطيع أن نقول إننا مسلمون...
لكنني في هذه المقالة سأبدأ بقراءة لواقع مجتمعي كوني أعيش وأرصد ما يحدث فيه يوميا مما أثار في نفسي نوعا من المرارة والشفقة وأتوقف هنا عند عدة نقاط:
ما مدى معرفتنا بالعقائد وهو ما يعرف من الدين بالضرورة، كفرضية الصلاة والصوم والحج وما الى ذلك ولأقرب الصورة أكثر لينظر كل منا إلى نفسه وإلى مجتمعه ويخبر نفسه ما يرى المعاملة داخل العائلة ، الشباب ، ارتفاع الجريمة، الطلاق الغير مبرر، الزيف وازدواجية التعامل والخ ....
ونظرا لكثرة المفاهيم المستعملة في تحليل مثل هذه المواضيع والمفتقرة إلى التعريف، خاصة بالنسبة لغير المختص تبقى الاجتهادات والملاحظات الشخصية سيدة الموقف. وإذا كانت المرأة تشترط لنفسها امتلاك قرار الانفصال لمجرد تجاوز من الرجل فإنها لا تتأثر كثيرا بالطلاق. 
إن أي إصلاح لم يبدأ بتشخيص واقع الشعوب لن يأتي بنتيجة, صحيح اِن الذين يمارسون النقد يلقون الكثير من المشكلات مما دفع جل الناس إلى إيثار الصمت، و تجاوزه بعضهم إلى تزيين الخطأ وتلميعه، مما جعل المشكلات تتراكم، وتصبح أشبه بأوبئة مستوطنة.
غير أن أهمية النقد تكمن في أننا بشر نصيب ونخطئ، والجميع يعترف بذلك، لكن سلوكنا لا يترجم ذلك الاعتراف في مجتمع ما زال العُرف يقف بكل فئاته حارسا على قيمه وأعرافه، وهو مستعد لإقصاء من يخرج عليه ونبذه، ولذا فإن من المصادر الأساسية لمقاومة التغيير الخوف من الابتعاد عن القوانين التي يبنيها المجتمع. ولو كانت على حساب الشرع نحن هنا إذ نورد هذه القضايا إنما نبحث عن العلة الكامنة في الذات، فإن نحن نجحنا في معالجتها فإن المشكلة ستزول تلقائيا بزوال أسبابها وإن تجاهلناها وعالجنا الظواهر فقط، فستعاودنا بأشكال شتى كمن يتوجه إلى البعوض بأطنان مبيدات الحشرات، ولا يفطن إلى تجفيف المستنقع الذي يحتضن بيوضها فلا تلبث أن تفقس من جديد، ودليلنا ورائدنا إلى مجتمعنا هو اجتهاداتنا الشخصية من داخل المجتمع مع مقارنتها بدراسات لمجتمعات أخرى لنرى مدى مواكبتها للحضارة الإنسانية اليوم..
وضرورة إيجاد ثقافة تستجيب لمتطلبات عصرنا أصبحت الآن ملحة أكثر من أي وقت مضى  شئنا أم أبينا، حيث نرى أن التحولات الكمية، ارتفاع القدرة الشرائية، استبدال الطاقة البشرية تطور العمل التقني، تطور أنشطة الوقت الحر أنتجت تحولا نوعيا بطيئا تمثل في بروز مشاكل متعلقة بالحياة الخاصة، مشاكل حول الحياة الشخصية المستقلة مست بالأساس الطبقة المتوسطة والعمالية، ويتعلق الأمر بتطوير ظاهرة جديدة داخل الحياة الشخصية، إنها فردنة الوجود الإنسانيإن خاصية الثقافة الجماهيرية تتمثل في كونها ستوفر للفئات الاجتماعية الصاعدة ، شباب، نساء، صورا إدراكية وقيما ونماذج سلوك جديدة أبطالهاالشخصيات السينمائية، ونجوم الموضة ومقولاتهاالمغامرة، والحرية الفردية، وغاياتهاالحياة والسعادة، والمتعة...الخ. وهذه الصور ونماذج السلوك أضحت من مكونات تفكير شبابنا الذي ينشد لدى كتابه ومفكريه مستوى من المبادرة والجد والإخلاص ، ولونا من الكتابة المباشرة التي تعيش عصرها وأفكاره وتطلعاته، فإذا هم لا يزيدون على مضغ حكايات الأولياء، واجترار بضعة خيالات محلقة في سماوات التيه ومجابهة الواقع الصارخ الملح بما يميعه في وعي الجماهير ثم يسرح بها بعيدا بعيدا  في أحلام الماضي وتصوراته ويبقي الحكم للبحوث والدراسات التي أجريت على أمم و شعوب أخرى تختلف في العادات والتقاليد عن مجتمعنا، من هذا يتبين أن الخطأ الذي يقع فيه الباحثون عندما ما يدرسون المجتمع هو عدم وعيهم بالمجال الثقافي للمجتمع حينما يغلبون فيه الروافد الوافدة من المجتمعات الأخرى على عاداتنا وتقاليدنا. ولقد أصبح مؤكدا أننا إذا لم نأخذ في الاعتبار تاريخ التراكمات القيمية، وروافد التيارات الثقافية التي تؤسس الظواهر المدروسة فإننا سنسقط لا محالة ضحية لخداع العقل الجمعي، وسنبقى على فهم متناقض وتبريري إلى حد بعيد.  
إن أحد مقاييس التحضر المهمة اليوم يكمن في مدى سيطرة الناس على بيئاتهم الاجتماعية والطبيعية، ومدى قدرتهم على استيعاب سنة التغيير، والتلازم معها. وحركة البحث العلمي في معظم مجالات الحياة تستهدف هذه المسألة على وجه التحديد. وأول خطوة يجب أن نخطوها، اتجاه مجتمعنا هي فهم واقعه الذي ستؤثر فيه التغيرات المستقبلية...
فبنوا الإنسان يختلفون في قوة الإحساس وضعفه ويختلفون في قوة خاصية الربط وضعفها ويختلفون في كمية أو نوع المعلومات التي لديهم، سواء كانت معلومات أخذت بالتلقي أو المطالعة أو أخذت من تجارب الحياة فإن اختلافها يعني أن التفكير يكون بحسبها ، والأصل في جمهرة الناس أن تتجدد لديهم المعلومات يوميا، حتى ولو كانوا أُميين، اللهم إلا الشواذ، وهم الذين لا يلفت نظرهم شيء ولا يقيمون وزنا لما يتلقونه أو يطالعونه من المعلومات .
إن تعود الأفراد على التفكير السطحي ورضاهم بنتائجه وعدم حاجتهم للأمور الأعلى مما لديهم، يجعل التفكير السطحي عادة فيستمرون على هذا النمط من التفكير، ويتبلور ذوقهم عليه. 
أما الجماعات فإنه لنقصان قدرتهم على التفكير من جراء كونهم جماعة فإنه يغلب عليهم التفكير السطحي حتى لو وجد فيهم أفراد من المفكرين والمبدعين.
فهل سنخرج من شرنقة ثقافة ألا ثقافة إلى التفكير السليم لأنه المعيار الذي يميز الإنسان عن الحيوان، فقد خلق الله الإنسان بيده في أحسن تقويم، ثم نفخ فيه من روحه، وخصه بقسمات وطبائع خاصة به، وسوى بنانه وأفرده ببصمة لا يشاركه فيها أحد لتكون بمثابة توقيعه، ووهبه العقل ميزه به عن سائر مخلوقاته، وأمره بأعمال في الكشف عن قوانين الكون المسخر له، وهداه النجدين وخيره أن يسلك أحدهما بمحض اختياره، وحمله المسؤولية أمانة أبت السماوات والأرض أن يحملنها وأشفقن منها، وحملها الإنسان ثقة واعتدادا.
فأسجد له ملائكته تقديرا وإكبارا وحسن الظن به، في أنه سوف يحسن اختيار طريق الخير بكدحه وجهده ومعاناته رغم قدرته على اختيار طريق الشر، ونعني بالتفكير العقل لأن طريقة التفكير هي الكيفية التي يجري بحسبها إنتاج العقل للأفكار، مهما كانت هذه الأفكار ولكي تكون معرفة يقينية على الطريق القويم لا بد من وجود أربعة أشياء.
1ـ واقع.
2ـ إحساس بالواقع.
3ـ دماغ.
4ـ معلومات عن الواقع.
الواقع كل شيء تحت طائلة الحواس الخمسة فمثلا إذا سئلت أيها القارئ عن معنى كلمة وضيمة لوقفت متحيرا مرتبكا بما ذا تجيب؟ وقلت أخيرا لا أدري مع أن كلمة وضيمة هي الواقع الذي وقع تحت طائلة سمعك وسميت واقعا لأنها وقعت عليها إحدى الحواس الخمسة وكل شيء يقع تحت طائلة إحدى الحواس الخمسة يسمى واقعا، وكلمة وضيمة التي هي الواقع وقعت تحت السمع نقلت فورا بواسطة السمع إلى الدماغ فانطبعت فيه وميزت عن سواها من الانطباعات، نتيجة هذه العملية التي جمعت ثلاثة عوامل ألا وهي: 1- الواقع: الذي هو كلمة: وضيمة
2- الإحساس بالواقع: ألا وهو السمع
3- الدماغ: الذي ميز الانطباعات وتكون العملية الفكرية قد احتاجت إلى العامل الرابع ألا وهو المعلومات السابقة لذلك لم يتوفر عند صاحبها حكم واضح على الواقع أي عن معنى كلمة وضيمة. مع أنك أيها القارئ لو سألت عن معنى كلمة "وليمة" لأجبت على الفور: دعوة إلى الطعام لماذا أجبت بهذه السرعة؟ لأنه متوفر لديك العوامل الأربعة.
1ـ الواقع: معنى وليمة
2ـ الإحساس: الذي نقل هذا إلى الدماغ
3ـ الدماغ: الذي ميز انطباع هذا الواقع
4ـ المعلومات السابقة: التي ربطت بالعوامل الثلاث، ونتيجة لهذه العملية الفكرية كان الحكم على الواقع واضحا، والمثال يتكرر تماما مثل 2 × 2 4= وباعتمادنا على هذا التفكير سنكون اقرب إلى المدنية والحضارة والعمران ولن يتحقق لنا هذا إلا إذا خرجنا من شرنقة ثقافة ألا ثقافة التي أصبحت تحدد أفقنا ومجال تفكيرنا الذي عادة ما يتسم بالبساطة والسطحية. 
وأولى الخطوات أن نفتح عيوننا وأن نحاول أن نفهم الوجود من حولنا الذي وجدنا أنفسنا فيه، فليس الإنسان مجرد كائن يعيش وجوده بل هو فوق ذلك كائن ينزع نحو فهم الوجود، بل حتى على مستوى وجوده الفردي يحرص على أن يجعل له معنى ودلالة ولا يكتفي بمجرد عيشه، فهو بفطرته طلعة لا يقتنع من الحياة بمظاهر أشكالها وألوانها كما تنقلها إليه حواسه أو كما ينفعل بها شعوره، بل يتناولها بعقله، وينفذ إليها ببصيرته ليعرف حقيقة كل شيء.. من أين جاء؟ وكيف صار؟ وإلى ما ينتهي؟ وهو في إشباع رغبته تلك لا يدخر وسعا من ذكاء أو جهاد حتى يبلغ من ذلك ما يطمئن إليه عقله وتستريح به نفسه . 
ومجتمعنا اليوم بأمس الحاجة إلى هذه العقول وقد تُسهل المهمة إذا علمنا أن مجتمعنا يعتمد على الدين الإسلامي الذي كرم العقل والمرء. 
هذه إيضاحات أردت بها أن أسلط الضوء على جانب مهم من الفكر الإنساني الذي لا يوجد عادة مكتوبا. غير أنها تبقي عديمة الجدوى ما لم نعتمد التفكير السليم السابق الذكر وأخذه كمقياس لكل الأمور التي تواجهنا وبهذه الطريقة نُصلح من حالنا فمن غير المعقول أن يظل تفكيرنا سطحيا ونحن نعيش في عالم الأمم والقارات الذي يريد إشباع رغبات متجددة في اليقين، تريد أن تؤسس موقفها على أرض من المعرفة الجديدة التي اخترقت الآفاق، وقاست أبعاد النجوم، وتغلغلت في أسرار المادة، حتى حطمتها واستخرجت منها طاقات لا حدود لها.. والعلاقة الوحيدة الصحيحة بين الناس ورب الناس هي إسلام الوجه له وإحسان الاستمداد منه، والاعتماد عليه واعتبار الدنيا مهادا للآخرة وجهادا لكسبها.
والإسلام حسب الحديث الصحيح هو: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا " و الإيمان أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، والقدر خيره وشره ". والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يــراك" رواه البخاري.
عندما نعيد قراءة هذا الحديث النبوي الشريف مرة أخري بتمعن , ونفكر في معانيه لا بد أن يستوقفنا سؤال جبريل عليه السلام عن الإحسان .. وجواب رسول الله صلى الله عليه وسلم (الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك).
ولنقرب المعنى قليلا فأنت عزيزي القارئ تستوقفك إشارات المرور مرات عديدة فهي تنهيك بأضوائها الخضراء والحمراء ليس لتعوق السير أو تعطل الناس، بل هو لضمان السلامة، وضبط الحركة، وتنظيم الوجهة والله عز وجل لم يدع عباده ينطلقون في الحياة وفق أهوائهم فإن هذا لو وقع لن يملأ الدنيا إلا فسادا وعطلا وأذى ، قال تعالى في محكم كتابه : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَىٰ لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ )  سورة محمد الآيات ( 32 وَ 33 ) لذلك ترفق الله بخلقه، وأنزل عليهم وحيه ليعلمهم من جهل، وينقذهم من حيرة. 
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" ثلاثة لا يكلهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر"، مسلم.
فالعدوان على الأعراض فاحشة فإذا أصابت هذه الفاحشة امرأة الجار كانت أعظم، فقد روي عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الزاني بحليلة جاره لا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يزكيه، ويقول له أدخل النار مع الداخلين" بن أبي الدنيا.
إن من أبغض الناس إلى الله، امرأ يظهر بين الخلق بالصلاح والخشوع فإذا أمكنته رذيلة وهو منفرد لم يتورع عن الإيغال فيها.
عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بأعمال أمثال تهامة، بيضاء فيجعلها الله هباء منثورا". قال ثوبان يا رسول الله، صفهم لنا جلهم لنا لا نكون منهم ونحن لا نعلم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما هم فإخوانكم ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها". ابن ماجه.
والعقوبات المعجلة أو المؤجلة سياط لابد منها لقمع الغرائز الشرسة في الحياة الإنسانية والإجرام الفردي والدولي لا تعني في رده الخطب والنصائح، بل لابد من حسم الشر بالشر ولابد من التخويف بالأذى القريب أو البعيد لفطام الناس عن شتى الأهواء الخبيثة إن الإسلام يريد أن تستقيم أجهزتك النفسية أولا، فإذا توفرت لها صلاحيتها المنشودة بصدق اليقين وسلامة الوجهة، فكل عمل تتعرض له في الحياة يتحول من تلقاء نفسه إلى طاعة. ولن تصل إلى هذا إلا إذا كنت دائما تحاسب نفسك بنفسك.
فما من عمل هام إلا وله حساب يضبط دخله وخرجه، وربحه وخسارته. إلا حياة الإنسان فهي وحدها التي تسير على نحو مبهم لا يُدرى فيه ارتفاع أو انخفاض.
هل يفكر أكثرنا أو أقلنا، في إمساك دفتر يسجل فيه ما يفعل وما يترك من حسن أو سوء؟ ويعرف منه بين الحين والحين رصيده من الخير والشر؟ وحظوظه من الربح والخسارة؟!
لو أننا نخبط في الدنيا خبط عشواء، ونتصرف على ما يحلو لنا، دون معقب أو حسيب، لجاز التفريط بأن نبعثر حياتنا كما يبعثر السفيه ماله، وأن نذهل عن الماضي وما ضم من تجارب وأن نقتحم المستقبل متهيبين خطأ أو خطيئة!! فكيف ولله حفظه يدونون مثقال الذرة، ويعدون لنا قوائم بحساب طويل قال تعالى في كتابه المبين (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ) سورة الكهف الآية ( 49 ). 
أما يجب أن نستكشف نحن هذا الإحصاء الذي يخصنا وحدنا؟!
أما ينبغي أن نكون على بصيرة بمقدار ما نفعل من خطأ وصواب؟
الحق أن هذا الانطلاق في أعماق الحياة دون اكتراث بما كان ويكون، أو الاكتفاء بنظرة خاطفة لبعض الأعمال البارزة أو الأعراض الناتجة، الحق أن ذلك نذير شؤم.
وقد عده القرآن الكريم من الأوصاف البهيمية التي يعرف بها للمنافقين الذين لا كياسة لديهم ولا يقين قال تعالى في كتابه المبين : ﴿ أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ سورة التوبة الآية ( 126 ) . 
وعلماء التربية في الإسلام متفقون على ضرورة محاسبة المرء لنفسه تمشيا مع طبيعة الإسلام، وإنفاذا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم" الترمذي. وقوله: "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله" المنذري.
وقد كتب العلماء فصولا مطولة في المراقبة والمحاسبة يمكن الرجوع إليها.
ويرى ابن المقفع أن يسجل الإنسان ما يصدر عنه جاعلا الصفحة اليمنى للحسنات واليسرى للسيئات.
وإن كان "ديل كارنيجي" يذهب إلى تدوين السيئات فحسب على أساس أن المرء يعنيه تلافي أخطائه، والنجاة مستقبلا مما وقع فيه آنفا.
ولقد قال: في أحد أدراج مكتبي ملف خاص مكتوب عليه " حماقات ارتكبتها"!!
وأنا أعد هذا الملف سجلا وافيا للأخطاء التي وقعت فيها، وبعض هذه الأخطاء أمليته، والبعض الآخر خجلت من إملائه فكتبته بنفسي.
ولو أنني كتب أمينا مع نفسي لكان الأرجح أن يمتلئ مكتبي بأمثال هذه الملفات المليئة بالأخطاء والحماقات!!
وعندما استخرج سجل أخطائي، وأعيد قراءة الانتقادات التي وجهتها لنفسي، أحس أنني قادر على مواجهة أقسى وأعصى المشكلات مستعينا بعبر الماضي الذي دونته لقد اعتدت أن ألقي على الناس تبعة ما أواجه من مشكلات لكن بعد أن تقدمت في السن وازدادت حكمتي -فيما أخال- أدركت أنني وحدي المسؤول عن ما أصابني من سوء، وفي ظني أن كثيرا من الناس يصلون إلى هذه النتيجة نفسها عند ما يدرسون أنفسهم.
ولقد قال نابليون في منفاه بجزيرة القديسة "هيلانة": ( لا أحد سواي مسؤول عن هزيمتي. لقد كنت أنا أعظم عدو لنفسي!!.  ). 
ولتفسير أكثر لمسألة: " المحاسبة" نجد أنه اليوم لم تعد هناك حجة لمن كانوا يوما يعملون في الخفاء, ولا يلتفتون للتحذيرات الشرعية. وذلك عندما أصبح المسجل والكاميرا جزء من حياتنا اليومية. أي أن أقوالنا وأفعالنا تسجل على شاشة الكون ولا يمكننا التهرب منها سواء كانت حسنات أو سيئات فهي كالقصة التي تصور في الاستيديو ثم نشاهدها على شاشة السينما أو التلفزيون بعد حقبة من الزمن، وعلى بعد من مكان التسجيل ولكنك تشعر كأنك موجود في مكان الأحداث . قال تعالى في كتابه ( مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) سورة ق الآية ( 18 ) . 
وكأننا أمام كاميرات تعمل ليلا ونهارا بدون كلل فحاسب نفسك عزيزي القارئ قبل فوات الأوان وعند محاسبة المرء نفسه سيتعرف إليها جيدا ومن عرف نفسه عرف ربه، ويهذب أخلاقه وسلوكه، حيث يرتقي إحساسه بالآخرين، وتصبح تصرفاته أكثر نعومة وأناقة وشفافية. 
وبذلك يطبع بطابع المدنية التي هي روح يسري في كيان الفرد، فيعطيه طابعا خاصا يلمسه الناس في كل شؤونه، في طريقة كلامه، وعباراته المنتقاة، وفي طريقة استماعه وتناوله لفرصة التحدث، وفي كيفية قيادته لسيارته، وفي كيفية تنبيهه للمخطئ، وفي طريقة حصوله على حقه، وحله مشكلاته، بالطرق السليمة إذ أن من أهم سمات الإنسان المتمدن أن يبحث باستمرار عن طرق مشروعة وغير عنيفة لتجاوز التعارض بين مصالحه ومصالح الآخرين.
ولهذا فإن الإسلام يؤكد دائما على تمدين الإنسان قبل تشييد العمران لأن الإنسان غير المتمدن يعجز عن استثمار الإمكانات الحضارية وحسب وإنما يعجز عن المحافظة على الموجود منها. 
والإسلام علم الناس ألا يرفعوا أصواتهم، وأن يغضوا من أبصارهم، وألا يلجوا البيوت دون استئذان، وأن يتفسحوا في المجالس، كما علمهم الرفق والصفح والإيثار، وفي الصلاة والتي هي موقف روحي خاص يتعلم المسلمون الدقة والنظام والالتزام بحركات الإمام... وليس كما هو مشاهد اليوم إذ أصبحت طقوس تؤدي في أزمنة معينة بدون أدنى تفكير مما أفقدها لروحها المدنية والروحية..
والمدنية تهذيب للأخلاق والسلوك، حيث يرتقي إحساس المرء بالآخرين، وتصبح تصرفاته أكثر نعومة وأناقة وشفافية، وهو بذلك قادر على ضبط سلوكه ونزواته، والوقوف عند الحدود التي تبدأ عندها حقوق الآخرين.
والمدنية قبل كل شيء اكتشاف للذات وللناس واكتشاف لإنسانية الإنسان ومشاعره وحقوقه، وتقدير لجهوده ومشاركاته، وتأسيس للثقة بقدرته على السمو وتأجيل الرغبات وتجاوز العقبات. إن المدنية الحقة، تصنع الحضارة، لكن الحضارة لا تصنع المدنية، بل قد تدمرها وتفكك منظومتها.
ونستخلص مما سبق أن المدنية الحقة أن يكون الإنسان على بصيرة من أمره قولا وعملا واعتقادا وسلوكا سيشعر بأنه مراقب من خالقه وهذا ما يؤدي به إلى الجد والإخلاص ..
هذا هو الإسلام الحق الذي يربط قضايا التوحيد بمقتضياتها من الأعمال الحياتية والتعبدية, والإيمان والعمل شيئان متلازمان لا يصلح أحدهما إلا بالآخر، وبمفهوميهما الواسعين يشملان الجوانب الروحية والجسدية، والفكرية والعقلية، والقولية والفعلية.
لهذا كان التكامل من أبرز خصائص العقيدة الإسلامية وما لم تتحقق هذه الخاصية فان شخصية المسلم تبقى ناقصة بل منفصلة.. فهل نطبق هذه الخاصية التي لا يتم الإيمان إلا بها ونطمئن أننا مسلمون حقاّ!؟ أم نبقى على إيمان ناقص .؟!
طه دخل الله عبد الرحمن
البعنه == الجليل
الجمعة : 19/08/2016
س : 03:10


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.